من مراجعة اتفاقية الطائف ولا سيما البند المتعلق " بتحرير لبنان من الاحتلال الاسرائيلي"، نرى بوضوح ان الفقرة استندت في استعادة سلطة الدولة اللبنانية حتى الحدود المعترف بها دولياً على "التمسك باتفاقية الهدنة الموقعة في 23 اذار 1949 "، ما يعني ان خطة تحرير لبنان من الاحتلال تستند فيما تستند اليه بصورة اساسية على التمسك بتطبيق اتفاقية الهدنة التي تحكم العلاقة بين الدولتين المتعاديتين.
فـ"الطائف" رسم استراتيجية تحرير مبنية على تمسك لبنان باتفاقية الهدنة الى جانب العمل على تنفيذ القرارات الدولية واتخاذ الاجراءات اللازمة كافة لتحرير جميع الاراضي اللبنانية وبسط سلطة الدولة وسيادتها ونشر الجيش اللبناني والعمل على :تدعيم وجود قوات الطوارىء الدولية، وننشر هنا نصا يعالج موضوع الحدود اللبنانية الفلسطينية وهو مقتطفات لمقالة تعالج الموضوع من منظور تاريخي ل د. طارق المجذوب .
• أظهرت خريطة أعدَّتها وزارة البنى التحتيّة في إسرائيل أنّ أعْظَم آبار الغاز على اليابسة قد تقع إلى جنوب الحدود اللبنانيّة، مِن قرية العْدَيْسة وصولاً إلى قرية الغَجَر.
1. خطّ الحدود المعروف بين العام 1920 والأشهر الأولى من عام 1949
• لدى ترسيم الحدود بين لبنان وفلسطين تولَّت المُفوضيّة العليا الفرنسيّة سنة 1922 تحديدها بالتفاوض مع السلطات البريطانيّة المُنتدَبة على فلسطين. هذه الحدود في عهد الإمارة ثمّ في عهد ولاية صيدا، كانت تتمثَّل بخطّ مُستقيم بين الناقورة وشرق بحيرة طبريا. ولكن في المُباحثات بين دولتيْ الإنتداب، فرنسا وبريطانيا، بَدَل الخطّ المُستقيم الذي كان مرسومًا في السابق، وجد البريطانيّون، إرضاء للوكالة اليهوديّة، إقامة «نتوءة» عند الحدود الشرقيّة (...). وهذه النتوءة شملت سهول الحولة وبحيرة طبريا ومياه الأردن وقسمًا من الروافد اللبنانيّة والسوريّة..
• تمّ الإتفاق بين سلطتيْ الإنتداب، الفرنسيّة والبريطانيّة، على رسم الحدود اللبنانيّة - الفلسطينيّة بصورة نهائيّة في 3 شباط/ فبراير 1922 (إتفاق بولِه Paulet - نيوكومب (Newcombe ، تنفيذًا للأحكام الواردة في الاتفاقية الموقّعة في 23 كانون الأوّل/ ديسمبر 1920. وبعد تبادل المذكّرات بين السفارة البريطانيّة في باريس ووزارة الخارجية الفرنسيّة في 7 آذار/ مارس 1923 أُبرم اتفاق بولِه – نيوكومب، وأصبح الترسيم الذي قامت به اللجنة بين البحر الأبيض المتوسِّط والحمّة نافذًا بدءًا من 10 آذار/ مارس 1923. وتكرَّس الاتفاق عندما «أقرَّ مجلس عصبة الأمم، في دورته السادسة والثمانين إتفاقيّة الحدود للعام 1923».
• وُلِد الخطّ الحدودي المعروف «نيوكومب» (أي بولِه – نيوكومب) لكنّه لم يكتمل إلاّ بقضم المزيد من الأراضي مع تسويف البريطانيّين في إقراره، فانتهى إلى تعديل حدودي آخر مع توقيع الجانبين الفرنسي والبريطاني في 23 حزيران/ يونيو 1923 (2 شباط/ فبراير 1926) ما أسمياه «إتِّفاق (إتفاقيَّة) حسن الجوار» بين دولتيْ الإحتلال. وبموجب هذا التعديل كان مزيد من أراضي إصبع الجليل وسهل الحولة قد سُلخ عن لبنان ونُقل من السيطرة الفرنسيّة إلى منطقة النفوذ البريطانيّة» وبالتالي يكون اتفاق بولِه - نيوكومب قد «عدَّل بعض المناطق لمصلحة لبنان وبعضها الآخر لمصلحة فلسطين. ولكن بشكل عام أعطى ما لا يقلّ عن 192 كلم2 إلى فلسطين».
2. حدود اتفاقيّة الهُدْنة لعام 1949
• لم يكن خطّ الهُدْنة العام 1949 مُطابقًا لحدود العام 1923، فقد اقتطع كأمر واقع مساحات من أراضي بلدات رْميش ويارون وعَيْترون وبْليدا ومَيْس الجَبَل وحولة والعْدَيْسِة وكْفَرْكِلا، مّا أدّى إلى خسارة لبنان مزيدًا من الكيلومترات الحدوديّة.ويُمكن تلخيص خسارة لبنان لأراضيه على الشكل التالي: «المرحلة الأولى من العام 1923 على إثر ترسيم الحدود، خسر لبنان القرى السبع. والخسارة الثانية حصلت خلال ترسيم 1949، وفي حينها أُرغم الفريق اللبناني على التجاوب مع الواقع الميداني وبالتالي مُرِّر بعض الأخطاء السابقة وثُبِّتت كما حصل على سبيل المثال لا الحصر مع قرية «صَلْحا» حيث كان خطّ الحدود مُثلَّثًا باتجاه فلسطين ليُصبح القاعدة باتجاه الداخل اللبناني. هناك خسارة أخرى حصلت بين قرية «المْطِلّة» ونهر الوزّاني».
• إتفاقيّة الهُدْنة لعام 1949
تتضمَّن اتفاقيّة الهُدْنة بين لبنان وإسرائيل في مادتها الخامسة أحكامًا لم تتضمَّنها الإتفاقيّات الثلاث الأخرى، وهذه الأحكام تتعلَّق بحدود لبنان الدوليّة. «(...) فإنّ العودة إلى محاضر جلسات التوقيع على اتفاقيّة الهُدْنة (...) توضح حِرْص المُفاوض اللبناني على أنْ يتضمّن الاتفاق مادة صريحة لا لَبْس فيها تدلّ على الاعتراف بالحدود السياسيّة المُعترف بها دوليًا. وبالفعل، نصَّ البند الأول من المادة الخامسة على أنّ «يتبع خطّ الهُدْنة الحدود الدوليّة بين لبنان وفلسطين» The Armistice Demarcation Line shall follow the international boundary between the Lebanon and Palestine .
ذُكر في اتفاقيّة الهُدْنة (البند 2 من المادة 8) «أنّها تبقى سارية المفعول إلى أن تتحقَّق تسوية سلميّة بين الفريقين». ووَرَد فيها أيضًا (البند 3 من المادة 8) أنّه لا يحقّ لأي من الفريقين أنْ ينقض الإتفاقيّة من طرف واحد، وأنّ كل تعديل .لأحكامها يجب أن يحظى بمُوافقة الفريقين معًا، وأنّ الأحكام التي تنصّ عليها المواد الأولى والثانية والثالثة (وهي المُتعلِّقة بوجوب وقف العمليّات العسكريّة) لا يجوز أن يطرأ عليها أي تعديل حتّى بمُوافقة الفريقين.
نحو قراءة جديدة لرحلة البحث عن الحدود الجنوبيّة للبنان
مجلة الدفاع الوطني اللبناني - العدد 78 - تشرين الأول 2011