في البدء كان الانقلاب على العيش المشترك واستمر انقلابا على الدستور

في كتابه بعنوان "في معترك القضية اللبنانية" يتصدى الدكتور عصام خليفة ل" مقولة التعددية الحضارية" التي شكّلت برأيه، ولا تزال، أطروحة تحمل في ثناياها المقدمات النظرية لحل" الكانتونات" أو " اللامركزية السياسية"، هذا الحل الذي يُعتبر، من وجهة نظره، "مدخلا عمليا لتفكيك الوطن اللبناني ولبلقنة المشرق العربي، والتعددية الحضارية برأي الكاتب تختلف عن ‘التعددية السياسية، التي تستند الى حريّة الرأي، أو التعددية بالمفهوم المسلّم به في علم السياسة، ويؤكد الكاتب أنّ "التعددية السياسية، التي تشكل نقيض المنحى التوليتاري في السلطة والدولة والمجتمع، هي مجال تأييد وممارسة من قِبل أي ديمقراطيي علماني". وينطلق الكاتب من الاعتراف بان لبنان يعاني من، "أزمة كيانية عميقة هي محصلة لجملة عوامل وتراكمات" وفي طليعتها ....الإستغلال الإجتماعي  وتوتر العلاقات بين الطوائف وأزمة القوى السياسية التي كانت في الحكم أو في خارجه و تأثير القوى الأفليمية والدولية. كما يعترف أنّ  في لبنان " بنى إجتماعية  (طوائف) متمايزة في بعض خصائصها". ويضيف ب " أنّ أيّة أيديولجية-بما فيها مقولة التعددية الحضارية- لا تأتي من لا شيء بل تعكس بنيّات وتراكمات إجتماعية وسياسية وثقافية موجودة في المجتمع اللبناني. لكن مايهم الكاتب أن يؤكده  هو  إنّ التمايز بين الطوائف لا يشكل" تعدد حضارات".

 وأن هذا التمايز ليس- كما يذهب منظّرو " التعددية الحضارية" ظاهرة أزلية أبدية يجب أن تبقى وتثبت في عقول الناس وأعرافهم وفي طبيعة النظام السياسي المرتجى. ...

على الرغم من أنّ الكيانات الطائفية لها تأثيرها في مجتمعنا اللبناني من نظام العائلة، إلى نظام التزاوج، إلى المؤسسات المختلفة، إلى التربية، إلى قاعدة المجتمع الإثنية، إلى توزيع الناس، إلى السكن، إلى الهجرة من الريف إلى المدينة. لكنّ مفهومنا لهذه الكيانات ينطلق من فهم تاريخي لها في واقعها وفي مستقبل تغيّرها.

يضيف الكاتب " إنّ تفنيد مقولة" التعددية الحضارية"، وما ينبثق عنها من مشروع سياسي، يفترض التفريق بين فئتين:

- فئة- أ - تشكل الأكثرية الساحقة- وهي مخلصة في سعيها لإيجاد مخرج من أزمتها الكيانية. ونحن نحترم إخلاصها وإليها نتوجه.

- فئة- ب- تشكل الأقلية الضئيلة- وهي سيئة النية، تابعة لقوى خارجية، تعرف أنها، تحت ستار إعطاء الحل للأزمة العميقة التي تعصف بمجتمعنا، تقدّم مشروعا يشكل مدخلا إلى أزمات وويلات توصل مجتمعنا اللبناني- وربما المنطقة العربية- إلى مرحلة التفتت والدمار. واللغة الوحيدة مع هذه الفئة هي الصراع الشامل الذي لا يقبل الحلول الوسط.

وعلى الرغم من ان كتاب د. خليفة يناقش مقولات شاعت خلال الحرب الأهلية، وخاصة في سنوات السبعينات منها، الا ان  الازمة السياسية الراهنة في لبنان تستعيد طروحات، قديمة جديدة، ظن اللبنانيون ان اتفاق الطائف  قد حسم الخلاف عليها، وان تلك التسوية التاريخية التي ترجمت دستورا ملزما لكافة فئات الشعب اللبناني وقواه السياسية، قد اصبحت راسخة في افكار وسياسات وممارسات الاحزاب السياسية اللبنانية، لكن وقائع المعارك السياسية الراهنة والسجالات الحامية التي تطبع المشهد السياسي الراهن، تظهر جنوحا من جهة اولى لتفسير الدستور على غير مقاصده، والا اقتراح ادخال تعديلات جوهرية عليه، وكأن اقتراح التعديل يبرئ ذمة من اقسم اليمين على احترام الدستور والسهر على حسن تطبيقه، يعفيه من الالتزام  بقسمه، او أن الطلب بتفسيره يجعل من يمينه لاغيا، فكيف يسهر مسؤول على احترام نص تلتبس عليه معانيه ومقاصد نصوصه، مما يتيح له ممارسة صلاحيات لم يوردها اي نص دستوري، ولم يسبقه اليها اي مسؤول سابق.

لايقتصر الامر على محاولات الالتفات على الدستور والتنكر للتسوية الوطنية التي انتجته، بل تذهب فئات أخرى الى استعادة طرح مقولات الفيدرالية والتعددية الحضارية، وهي طروحات سبقت اتفاق الطائف وكانت واحدة من الاسس الفكرية ثم السياسيةالتي قامت عليها الحرب الاهلية، والتي هددت اسس العيش المشترك، وطرحت اعادة النظر بوحدة لبنان وحدوده الجغرافية وبنيته الديموغرافية، ومؤسساته السياسية والدستورية.

إنّ رواج هذه المقولة مجددا - خاصة في الأوساط المسيحية- لا يعني أن مسؤولية هذا الرواج تقع فقط على عاتق غياب نخب سياسية مسيحية سياسية، تستطيع تجديد الدور المسيحي في لبنان وتطويره ليشكل قاطرة للمجتمع اللبناني بكافة فئاته،نحو الاندماج بمنجزات العلم والابداع الحداثة في منطقة عربية تتقدم وفي عالم يتعولم، بل  يتو جب التأكيد على مسؤوليات أربع : أولها تنامي مشاريع الاسلام السياسي بأشكاله الثلاثة السني السلفي والسني الاخواني والشيعي التابع لولاية الفقيه، و ثانيها ممارسة ارهاب معولم باسم الاسلام، وثالثها قيام ايران ب "توسيع نفوذها الافليمي" عبر قيادة حلف للاقليات يمتد من طهران الى بيروت ويسعى لجمع اقليات المشرق في مواجهة اكثرياتها الوطنية، وينتظم داخل هذا الحلف كل اقليات المنطقة من ارمينيا الى ايران والعراق وسورية ولبنان، ورابعها انفراط عقد مؤسسات الدولة اللبنانية واستباحتها كغنيمة يجري اقتسامها والتخاصم حولها بين مختاف احزاب الطوائف.

ويتبدى في الدراسة، التي ننشر القسم الاول منها، في هذا العدد، أهم المرتكزات النظرية لمقولة التعددية الحضارية، فيما سننشر في العدد القادم، القسم الثاني من الدراسة والتي تتضمن تفنيد ونقد  الدكتور عصام خليفة ل التعددية الحضارية وتداعياتها السياسية والاجتماعية :

القسم الأول

أولا: في المرتكزات النظرية:

 لن نستطيع أن نعرض في هذه الدراسة كل الطروحات المتعلقة بهذه المقولة. ولكننا سنأخذ طروحات مُنّظّرين ثلاثة يُعتَبرون الأكثر تماسكا نسبيا على الصعيد الفكري، وهم: الأب يوسف مونس، والدكتور فؤاد أفرام البستاني، والأستاذ أمين ناجي. وسوف نعرض، بإيجاز، موقفهم من: الإسلام، المسيحية، مفهوم الوطن، العروبة، الحل المقترح.

الموقف من الإسلام والمسلمين:
الأب يوسف مونس(1):
يذهب الأب مونس إلى أنّ " البنية الأثنية الإسلامية العربية، أي أثنية أهل السهول والبوادي (روح البادية-إبن خلدون)، تغلب عليها روح الترحال والغزو والتهديم والتدمير، ويطبعها القرآن بطابعه وخلقيته المميزة، (عقدة التسامي، روح السلطة، الجهاد المقدس، وروح العدوانية)(2) .

ويدين الأب مونس المرحلة التي سبقت الحرب اللبنانية، حيث رحنا نخلط ونمزج بتعهر فكري وسياسي وحضاري مخجل نفسيات شعوب أهل الجبال والكبرياء وأهل السهول، أهل المدائن الثابتة والحضارة المرهنة مع أهل التحولات والمتغيرات الأدونيسية والتجسدات الوثنية والمسيحية مع ذهنيات أهل الثوابت المنزلة المطلقة في اللغة والشرع والمعتقد(3) .

 وعلى صعيد الموقف السياسي، يقول مونس " إما أن يتنازل المسلم عن إسلامه ليلتقي بالمسيحي على قدم المساواة في الأخوّة البشرية والوطنية وفي ممارسة السلطة السياسية وهذا غير جائز في الإسلام، وإما أن يرضى المسيحي بحكم الإسلام وأن يصبح من أهل الذمّة وهذا ضد حرية الإنسان والديمقراطية"(4) .

ويدين الأب مونس موقف الإسلام الذي ينمّي –في رأيه- "روح العدوانية والعنصرية وروح التسلط والتعالي ومركبات الكبرياء والتسامي"(5) .

ب- الدكتور فؤاد افرام البستاني(6) :

يؤكد الدكتور البستاني بأنه " إذا رضي المسلمون اليوم، تحت ضغط الظروف، بالتنازل عن بعض ما يفرضه دينهم فسيأتي غيرهم غدا وينقض باسم الدين عينه ما أبرمه سلفه"(7) .

ج- أمين ناجي(8) :

يقول الأستاذ أمين ناجي بأن "الإسلام دين ودولة، سلوك وأخلاف، حياة يومية ومعاملات"(9). ثم يؤكد في مقالة وردت في الصياد أنّ "الإسلام يطلب من المسلم أن يحيا إسلامه في نظام إسلامي: الحاكم يجب أن يكون مسلما، والفقه الإسلامي مصدرا للتشريع، والأحوال الشخصية النظام الوارد في القرآن الكريم، والمسلم المرتد يُقتل شرعا... فالوحدوية العضوية بين الديني والدنيوي تجعل الحياة من نواحيها كافة إسلامية المنطلق والجوهر والهدف"(10) .

2- الموقف من المسيحية والمسيحيين

أ- الأب مونس:

يذهب الأب مونس إلى أنّ " البنية الأثنية اللبنانية المسيحية، أي أثنية أهل الجبال والبحار (جبل لبنان)، تغلب عليها المحاور الجغرافية الثابتة وحضارة وفولكلور أهل الجبال"(11)،وأنّ الموقف المسيحي " ينطلق من المحبة والخدمة وبذل الذات، وينمي روح الأخوة والإحترام" ، إنه موقف " المحبة، ورغم خطئه في مسيرته التاريخية، ينطلق من قبول تمايز الآخرين، وينتهي حتى إلى الشهادة لهم بفدائهم وبذل الذات حبا لهم"(12).

ب- الأستاذ أمين ناجي:

يعتبر الأستاذ أمين ناجي بأنّ " المسيحيين يميزون بين حقلي الزمنيات والروحانيات، فهم " يعطون ما لقيصر لقيصر وما لله لله". إنهم" علمانيون في طبيعة تطلعاتهم المدنية وإنْ تأخرت العلمانية –لأسباب تاريخية- في الظهور في أوروبا"(13) .

ج-الدكتور فؤاد افرام البستاني

يعتبر الدكتور البستاني بأن "سبب هذا النزاع الأساسي يعود إلى الإختلاف بين المعتقد الديني الإسلامي والمعتقد المسيحي في النظر إلى الدولة والوطن..."(14) . ويؤكد في الوثيقة المقدمة إلى سيدة البير(15)" بأن لبنان كما ننظر إليه (المسيحيون) حلّ بذاته، وكما ينظر  إليه ( المسلمون) أزمة مستمرة"(16) . وينطلق من أنّ  "الشعب اللبناني، في تكوينه الحاضر،  يعيش على مستويين متباينين في الدين والحضارة: المسيحية والإسلام"(17) . ويستنتج أن " لا بد من تسوية المستويين أو فصلهما لتصبح الحياة ممكنة"(18) .

3-الموقف من الوطن:

أ-الأب مونس:

يؤكد الأب الدكتور أنّ " الوطن ليس في تعريفه الأساسي حدودا جغرافية فقط تعيش ضمنها مجموعة من الناس فسيفسائية التركيب، بل مجموعة من البشر موحدة في أثنيتها ، أي واحدة في ماضيها وفي حاضرها وتطلعاتها المستقبلية. بتعبير آخر هي واحدة موحدة في حضارتها"(19) . ويضيف " إما أن يكون الوطن مؤلفا من أثنية حضارية واحدة ليحيا وإما لا يكون"(20) . هذا على الصعيد النظري العام بالنسبة لمفهوم الوطن، فهل ينطبق هذا المفهوم على لبنان؟  " إنّ لبنان هو وطن مكون من مجموعات اثنية وديانات وحضارات مختلفة في أصلها وفي تاريخها". ويعتبر  الأب مونس " أنّ الوطن في الإسلام لا يرتبط بالأرض بل بالناس ( جماعة المسلمين)، لذلك لا يمكن أن يلتقي الإسلام بأناس لهم ولاء بأرض معينة"(21).

ويستشهد بكتاب الدكتور الشيخ صبحي الصالح، النظم الإسلامية، ص 255، حيث ورد  أنّ  "ولاء المسلم لا يكون إلاّ للأمة الإسلامية. فلا قيمة للوطن إلاّ بارتباطه بالدّين"(22) .

إنّ الإستنتاج واضح في سياق هذه المقدمات: لا إمكانية بناء وطن موحد بين المسلمين والمسيحيين.

 ب-الدكتور البستاني:

يوضح الدكتور البستاني رأيه في الوطن الذي يسعى لإنشائه: " أمّا المسيحيّون فقد قاتلوا مئات السنين ليكون لهم وطن ولا يكونون فيه أهل ذمّة"(23) . إنه " لبنان المتصرفية مضاف إليه: بيروت، ورقعة أرض في البقاع تبدأ من أقدام جبال الأرز- صنين- الكنيسة- الباروك، وتمتد عشرة كيلومترات في السهل باتجاه سلسلة جبال لبنان الشرقية. على أن تبحث بعمق مسألة القرى المسيحية في ما تبقى من البقاع، وفي عكار، وفي الجنوب"(24) .

ج-الأستاذ أمين ناجي:

لا يشير الأستاذ ناجي إلى مفهومه للوطن لكنه يطرح " المناطقية كحل يجعل من " لبنان دولة تحافظ فيها كل جماعة من جماعاته على خصائصها في إطار حرية الضمير، واحترام الغير، والمواطنية الكاملة، وتكافؤ الفرص"(25) . وهذا الموقف يؤمّن " الوحدة في التنوّع".

4-الموقف من العروبة

أ- الأب مونس:

يقع الأب مونس في بعض التناقض عند تصديه لمفهوم العروبة: فتارة يؤكد بشكل مطلق وشامل، بأنّ "العروبة عصبية دينية" وأنها " عنصرية جديدة"(26) ، بينما يشير في مكان آخر إلى أن العروبة تعني، للمسيحي، " تيارا حضاريا، ثقافيا، فكريا، لغويا، أدبيا، سياسيا، ثوريا، يكون نقطة تحوّل في رسم وجه الإنسان الشرقي الجديد". وتعني العروبة للمسلم الإسلام وحسب: العروبة هي الإسلام والإسلام هو العروبة"(27) .

ويذهب الأب الدكتور إلى التقرير بأن " العقل العربي يعاني من إنحرافات لن يمكنه التخلص منها"(28).

ب-الدكتور البستاني:

يذهب كاتب "الروائع" ، وصاحب "دائرة المعارف"، إلى إطلاق الحكم العام الذي -في رأيه- لا يقبل المناقشة:فما من أحد حتى اليوم حدد العروبة  بغير ما يؤول إلى قيام الدولة الإسلامية"(29).

ج-الأستاذ أمين ناجي:

يذهب إلى التأكيد بأن علاقة الإسلام بالعروبة هي علاقة العلة بالمعلول ولا يمكنها أن تحيا لحظة واحدة إذا لم يكن الإسلام نسغها"(30) . "ولا عروبة لولا الإسلام. ولا إستمرار للعروبة لولا الإسلام"(31) . لكنه بعد هذه الأحكام القاطعة المانعة يعود فيستدرك بأن الذين لم يربطوا العروبة بالإسلام ثلاث فئات:

"أ- المسيحيون( ومن بينهم نجيب العازوري، وقد كان في خدمة أهداف سياسية غربية معينة) الذين رأوا في ما بعد أنهم يسيرون في  خط مخالف للحقيقة".

"ب- الشيوعيون والماركسيون الذين يمتطون أي جواد يوصلهم إلى هدفهم، والعروبة بين أيديهم ستتحطم أشلاء.

"ج- المسلمون الذين ليست لهم مسؤولية حزبية أو عقائدية أو رسمية... وليس عندهم أكثر من الإنتماء السوسيولوجي"(32) .

5 الحل المقترح:

 أ- الأب مونس:

يرى أنّ الحل يكون باحتذاء "الأمثال التقدمية لهذا النهج، الثقافي والحضاري العلمي الصحيح، كثيرة وأهمها سويسرا والإتحاد السوفياتي وبلجيكا وكندا"(33) .

ب-الدكتور البستاني:

 يمكن اعتبار الحل الذي يطرحه رئيس الجامعة اللبنانية الأسبق الأكثر تطرفا، فهو يستنتج " أنّ الصيغة اللبنانية الحالية غير قابلة للعيش وأن الجيل الذي حاول بناء دولة معاصرة منذ 1943 حتى اليوم جيل عَملَ في الفراغ"(34) . ومن جهة أخرى " لم يجنِ لبنان الصغير من تجربة لبنان الكبير سوى الخراب والإفلاس"(35) . ولذلك "كانت إعادة النظر في الصيغة اللبنانية الحالية أمرا ملحا"(36) . وقد رأينا أنه-مع جواد بولس وشارل مالك وإدوار حنين-قد اقترح العودة إلى لبنان المتصرفية مع بعض التعديلات.

ج-أمين ناجي:

ينطلق الأستاذ أمين ناجي، في تصوره للحل المقترح، من " البديهيات التالية:

1-اللبنانيون شعب غير متجانس.

2-إسلام المسلم لا يكتمل إلا بالنظام الإسلامي.

3-العروبة جسم روحه الإسلام.

واعتماد البديهيات أعلاه يوصل تلقائيا إلى الإقرار:

1-بحقّ المسلمين في أن يعيشوا وفاقا لنظامهم الإسلامي.

2-بحقهم في الإيمان بالعروبة وبكل مستلزماتها.

والإقرار بالتالي:

1-بحق غير المسلمين في الحياة في نظام علماني تام شامل.

2-بحقهم في الحياة في مجتمع لا يخشون أن يكونوا فيه أهل ذمة أو مواطنين من درجة ثانية"(37).

والهدف الذي تجد فيه " المسألة اللبنانية" حلّها الدائم النهائي:

إمّا أن يعيش غير المسلمين في دولة خاصة بهم، مستقلة تماما، ويعيش المسلمون في دولة خاصة بهم أيضا ( أو يلتحقوا بدولة أخرى) وهذا حل مثالي ( بالمعنى الخلقي للفظة).
وإمّا إذا ارتؤي الإبقاء على الجمهورية اللبنانية القائمة بحدودها الحاضرة-أن يوضع ميثاق وطني جديد ينظم الدولة على أساس الكونفدرالية"(38) .


ثانيا: تطبيق مقولة التعددية الحضارية في الموقف السياسي للجبهة اللبنانية:

لقد استعرضنا حتى الآن أهم الجوانب النظرية التي شكلت الأسس التي قامت عليها مقولة التعددية الحضارية في لبنان. ولقد كانت هذه المقولة في أساس القرارات السياسية الخطيرة التي اتخذتها الجبهة  اللبنانية في خلوات ثلاث عقدتها في سيدة البير، جاء القرار التالي:

" إعتماد تعددية المجتمع اللبناني، بتراثاته وحضارته الأصيلة، أساسا في البنيان السياسي الجديد للبنان الموحد، تعزيزا للولاء المطلق له، ومنعا للتصادم بين اللبنانيين، بحيث ترعى كل مجموعة حضارية فيه جميع شؤونها، وبخاصة ما تعلق منها بالحرية وبالشؤون الثقافية والتربوية والمالية والأمنية والعدالة الإجتماعية وعلاقاتها الثقافية والروحية مع الخارج وفقا لخياراتها الخاصة"(39).

وفي النص الصادر عن خلوة زغرتا التي عقدت في 21 و22 كانون الثاني 1978 جاء في المادة 7 من ميثاق الجبهة ونظامها الداخلي:

" أن يؤسس البنيان  السياسي الجديد للبنان الموحد، على تعددية المجتمع اللبناني بتراثاته وحضارته الأصيلة، بحيث ترعى كل مجموعة حضارية جميع شؤونها، وبخاصة ما تعلق منها بالحرية وبالشؤون الثقافية والتربوية والمالية والأمنية والعدالة الإجتماعية وعلاقاتها الثقافية والروحية مع الخارج وفقا لخياراتها الخاصة"(40) .

العدد
الهوامش

مراجع القسم الأول

 

  1. لبنان المستقبل من الإنصهار السياسي إلى الإنشطار النفسي والجغرافي. سلسلة القضية اللبنانية. رقم 12. منشورات الكسليك. كما نشر هذا البحث على حلقات في نشرة " اللبناني" بتوقيع الاب مونس.
  2. المرجع نفسه. ص8 .
  3. المرجع نفسه. ص14.
  4. المرجع نفسه. ص 23.
  5. المرجع نفسه. ص 25.
  6. لبنان الكبير: مأساة نصف قرن. سلسلة القضية اللبنانية. رقد 1. منشورات الكسليك.
  7. المرجع نفسه. ص 6.
  8. الإسلام السياسي وهوية لبنان. سلسلة القضية اللبنانية. رقن 14. منشورات الكسليك. ومقال في مجلة الصياد. العدد 1676. تاريخ 9/12/1976
  9. الإسلام السياسي...المرجع السابق. ص 30.
  10. مجلة الصياد. المرجع السابق. ص 52.
  11. الأب يوسف مونس. المرجع السابق. ص8.
  12. المرجع نفسه. ص 6.
  13. مجلة الصياد. المرجع السابق. ص 52.
  14. فؤاد افرام البستاني. المرجع السابق. ص 4.
  15. قدّم هذه الوثيقةمع فؤاد افرام البستاني كل من شارل مالك وجواد بولس وادوار حنين.
  16. راجع مجلة العمل الشهري. العدد الأول. ص110
  17. المرجع نفسه. ص 107.
  18. المرجع نفسه. ص 107.
  19. الأب يوسف مونس. المرجع السابق. ص 8.
  20.  المرجع نفسه. ص 9
  21.  المرجع نفسه. ص 9.
  22.  المرجع نفسه. ص 24.
  23.  المرجع نفسه. ص 28-29.
  24.  فؤاد افرام البستاني. المرجع السابق. ص 15.
  25.  من وثيقة مقدمة إلأى خلوة الجبهة اللبنانية في دير سيدة البير. مجلة العمل الشهري- العدد الأول. ص 111.
  26.  مجلة الصياد. المرجع السابق. ص 56.
  27.  الأب يوسف مونس. المرجع السابق. ص 33
  28.  المرجع نفسه. ص 30.
  29.  المرجع نفسه. ص 31.
  30.  فؤاد البستاني. المرجع السابق. ص 12.         
  31.  الإسلام السياسي وهوية لبنان. المرجع السابق. ص 30.
  32.  المرجع نفسه. ص 41.
  33.  المرجع نفسه. ص 39.
  34.  الأب يوسف مونس. المرجع السابق. ص 18.
  35.  فؤاد البستاني. المرجع السابق. ص 22.
  36.  المرجع نفسه. ص24.
  37.  المرجع نفسه. ص24.
  38.  المرجع نفسه. ص 46.
  39.  المرجع نفسه. ص 48.
  40.  مجلة العمل الشهري. العدد الأول. ص 114
  41.  جريدة الأنوار. تاريخ 23/1/1978

                 

Add new comment

Restricted HTML

  • You can align images (data-align="center"), but also videos, blockquotes, and so on.
  • You can caption images (data-caption="Text"), but also videos, blockquotes, and so on.