يوم الجمعة في 1 حزيران 2019 حذر الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله من أن أي حرب ضد طهران الداعمة له "لن تبقى عند حدود إيران". وفي كلمة لمناسبة يوم القدس العالمي تابع نصرالله "الحرب على إيران تعني أن كل المنطقة ستشتعل (...) وكل القوات الأمريكية والمصالح الأمريكية في المنطقة ستباح، وكل الذين تواطؤوا وتآمروا سيدفعون الثمن، وأولهم إسرائيل وآل سعود". ونشرت صحيفة الاخبار المقربة من حزب الله نص الخطاب مطلقة عليه توصيف «خطاب الردع». الذي يحمل مجموعة من رسائل التهديد، وجّهها نصر الله إلى الولايات المتحدة الأميركية، ومن «يختبئ» خلفها من أنظمة عربية و"إسرائيل". وخاطب الأمين العام لحزب الله الدبلوماسي الأميركي ديفيد ساترفيلد قائلاً له: «قعود عاقِل»، في إشارة منه إلى رفض إدخال بند الصواريخ الدقيقة في مفاوضات ترسيم الحدود. (جريدة الأخبار السبت 1 حزيران 2019)
والسيد نصرالله الذي لا يحمل اي صفة رسمية داخل مؤسسات الدولة اللبنانية، ولا يتمتع بصلاحيات قانونية او دستورية، تخوله اتخاذ القرارات والمواقف او تسمح بمساءلته ضمن اطر المساءلة السياسية والديموقراطية، ينتهك اولا صلاحيات مجلس الوزراء اللبناني وحقه الحصري، في اعلان حالة الطوارئ والغاؤها، وقرارالحرب والسلم، والتعبئة العامة، والاتفاقات والمعاهدات الدولية، حيث ينص الدستور اللبناني في الفصل الرابع منه حول صلاحيات السلطة الاجرائية على صلاحيات مجلس الوزراء ب "تناط السلطة الاجرائية بمجلس الوزراء. وهو السلطة التي تخضع لها القوات المسلحة، ومن الصلاحيات التي يمارسها الخ....... أما المواضيع الأساسية فانها تحتاج الى موافقة ثلثي عدد اعضاء الحكومة المحدد في مرسوم تشكيلها. ويعتبر مواضيع أساسية ما يأتي: تعديل الدستور،اعلان حالة الطوارئ والغاؤها، الحرب والسلم، التعبئة العامة، الاتفاقات والمعاهدات الدولية الخ ....." (الفصل الرابع- السلطة الاجرائية - ثالثا: مجلس الوزراء، المادة 65 ، ص 25، الدستور اللبناني). وحتى لو سلمنا جدلا بان ايراد فقرة المقاومة، في بيانات الحكومة اللبنانية الوزارية، التي لاتتمتع بصفة قانونية أو دستورية ولا بالزام الحكومة بتنفيذها، لو تجاوزنا هذا الامر واعتبرنا تعسفا ان فقرة المقاومة تلك تضفي شرعية ما على دور المقاومة، فان الشرعية، المفترضة تلك، تنحصرفي الحق بمواجهة احتلال لبنان والدفاع عنه في وجه قيام اسرائيل باعتداءات جديدة وانتهاكها لحدوده وسيادته، وليست من أجل شن حرب دفاعا عن ايران ولتعزيز اوراق تفاوضها مع الغرب حول ملفها النووي، فكل قتال يخوضه حزب الله خارج لبنان اوبهدف، غير الدفاع عن لبنان واراضيه وسيادته، هو قتال لايندرج في خانة اعمال المقاومة ولذلك هو قتال غير مشروع ولا تستر عيوبه "شرعية مقاومة"، بل ينتهك القانون اللبناني وخاصة قانون الدفاع اللبناني وصلاحيات المجلس الأعلى للدفاع الذي يرأسه رئيس الجمهورية هذا القانون الذي نص في المادتين 6 و 8 على ما يلي : "مادة 6: يقرر مجلس الوزراء السياسة العامة للدفاع, ويعين اهدافها." وينص بمكان آخر "مادة 8: يقرر المجلس الاعلى للدفاع: - الاجراءات اللازمة لتنفيذ السياسة الدفاعية والامنية كما حددها مجلس الوزراء وتبقى مقررات المجلس سرية وتبلغ عند الاقتضاء للادارات العامة المعنية.
لا يكتفي حزب الله بانتهاك الهدف من المقاومة وتحريف مهماتها والانتقال بها من مهمة الدفاع عن لبنان الى مهمات اخرى كالتدخل العسكري خارج لبنان في اليمن والعراق وسورية والى الانخراط في الاشتباك المذهبي والاقليمي بل يضيف الى كل ذلك انتهاكا فاضحا لسيادة دول عربية شقيقة والى مخالفة القانون الدولي" وخرق التزامات الدولة اللبنانية التاريخية في الانصياع الى قرارات جامعة الدول العربية وهيئة الامم المتحدة.
فقد بدأت إسرائيل في الرابع من ديسمبر 2018 عملية أطلقت عليها اسم "درع الشمال"، لتدمير أنفاق قالت إنها رصدتها على الجانب الإسرائيلي من الحدود، مشيرة إلى أن ميليشيات حزب الله المدعومة من إيران قد تستخدمها في أي صراع مستقبلي (سكاي نيوز عربية- أبوظبي- 19/ ديسمبر/ 2018)
وقال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات حفظ السلام، إن أنفاق ميليشيات حزب الله على حدود لبنان مع إسرائيل تعد "انتهاكا للقرار الدولي 1701" وقال المسؤول الدولي خلال جلسة
طارئة لمجلس الأمن الدولي، لمناقشة أنفاق حزب الله بالمقر الدائم للأمم المتحدة في نيويورك، إن قوات "يونيفيل" ستواصل جهودها لإحلال السلام في الجنوب اللبناني. (سكاي نيوز عربية- أبوظبي - l9 ديسمبر 2018)
وينص قرار مجلس الامن الدولي رقم 1701 في بنده ال 8 على أن مجلس الامن:
8- يوجه نداء إلى إسرائيل ولبنان ليدعما وقفاً دائماً لإطلاق النار وحلاً طويل الأمد يستند إلى المبادئ والعناصر التالية:
أ- احترام صارم من الجانبين للخط الأزرق.
ب- اتخاذ إجراءات أمنية تمنع استئناف العمليات الحربية وخصوصاً إقامة منطقة بين الخط الأزرق والليطاني خالية من أي مسلحين أو ممتلكات أو أسلحة غير تلك التي تنشرها في المنطقة الحكومة اللبنانية وقوة الطوارئ الدولية المسموح بها طبقاً للفقرة 11.
ج- تطبيق كامل لبنود اتفاق الطائف والقرارين 1559 (2004) و1680 (2006) اللذين يطالبان بنزع أسلحة كل المجموعات المسلحة في لبنان، لتصبح الدولة اللبنانية وحدها وطبقاً لقرار الحكومة اللبنانية في 27 تموز/يوليو 2006، تملك أسلحة وتمارس سلطتها في لبنان. الخ ....
وواضح من سياق ما تقدم ان انفاق حزب الله تشكل انتهاكا فاضحا للخط الازرق كما تشكل دليلا ملموسا على فشل الحكومة اللبنانية وقوات اليونيفيل معها، نتيجة ممارسات حزب الله، في تلبية متطلبات الفقرة ب من البند الثامن في القرار 1701 في اقامة منطقة بين الخط الازرق والليطاني خالية من حزب الله ومن نشاطاته المسلحة، وفي انتهاك اتفاقية الهدنة اللبنانية- الاسرائيلية الموقعة سنة 1949 الذي تم التأكيد على الالتزام بها في البند ال 5 من القرار 1701 الذي ينص على:
5- يؤكد مجدداً تمسكه الثابت كما ذكر في كل قراراته السابقة، بوحدة وسلامة أراضي لبنان وسيادته واستقلاله السياسي داخل حدوده المعترف بها دولياً كما هو وارد في اتفاقية الهدنة الإسرائيلية اللبنانية الموقعة في 23 آذار/مارس 1949. وكل ذلك عزز الموقف الاسرائيلي واحرج الموقف اللبناني.
من الاستعداد لشن حرب نيابة عن ايران الى تهديد الدول العربية أوالتدخل العسكري في أزمات الاقليم وحروبه، الى الانخراط المسلح في الانقسام المذهبي، تتبدى خيارات حزب الله في زج لبنان في صراعات لا طاقة له على تحمل اعبائها أو دفع تكاليف صراعاتها، فيخرج الحزب عن مقتضيات وثيقة الوفاق الوطني ويحدد دورا للبنان يتناقض تماما عن الدور الذي حدده اتفاق الطائف ووثيقة الوفاق الوطني والتي اصبحت دستورا لبنانيا ونصت على :
ثالثا - تحرير لبنان من الاحتلال الاسرائيلي: استعادة سلطة الدولة حتى الحدود اللبنانية المعترف بها دوليا يتطلب الآتي:
أ- العمل على تنفيذ القرار 425 وسائر قرارات مجلس الأمن الدولي القاضية بازالة الاحتلال الاسرائيلي ازالة شاملة.
ب- التمسك باتفاقية الهدنة الموقعة في 23 آذار 1949 م.
ج- اتخاذ كافة الاجراءات اللازمة لتحرير جميع الاراضي اللبنانية من الاحتلال الاسرائيلي وبسط سيادة الدولة على جميع اراضيها ونشر الجيش اللبناني في منطقة الحدود اللبنانية المعترف بها دوليا والعمل على تدعيم وجود قوات الطوارئ الدولية في الجنوب اللبناني لتأمين الانسحاب الاسرائيلي ولاتاحة الفرصة لعودة الأمن والاستقرار الى منطقة الحدود. (وثيقة الوفاق الوطني اللبناني ثالثا ص 15).